إن ليلة النصف من شعبان لها مكانة عظيم ، فهي ليلة
من ليالي شهر شعبان الذي قال عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الإمام النسائي عن أسامة
بن زيد ـرضي الله عنهما ـ أنه سأل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقوله: لم أَرَكَ
تصوم من شهر من الشهور، ما تصوم من شعبان قال : " ذاك شهر يغفل الناس عنه بين
رجب ورمضان، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، وأحب أن يُرفع علمي وأنا
صائم" .
وجاء في الحديث أن الله سبحانه وتعالى يغفر ليلة
النصف من شعبان للكثير من عباده ، فعن
أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله
وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ
رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ:"يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ
أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ؟". فقُلْتُ: وَمَا بِي ذَلِكَ،
وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ:"إِنَّ
اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ
الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعرِ غَنَمِ كَلْبٍ" –أي قبيلة
كلب وكانوا أكثر الناس أغناما- .
وفي الحديث أيضًا أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر
لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن" رواه ابن ماجه والطبراني .
وقد حثت السنة النبوية المطهرة على إحياء ليلة
النصف من شعبان؛ فعن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أن النبي صلى الله عليه وآله
وسلم قال: "إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا
لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ
الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ
فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟
أَلا كَذَا أَلا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ" .
وقال شيخ الإسلام تقي الدين السبكي في
"تفسيره" : إن إحياء ليلة النصف من شعبان يكفر ذنوب السنة، وليلة الجمعة
تكفر ذنوب الأسبوع، وليلة القدر تكفر ذنوب العمر كله.
وقال الإمام ابن نجيم الحنفي في "البحر
الرائق" : ومن المندوبات: إحياء ليالي العشر من رمضان، وليلتي العيدين،
وليالي عشر ذي الحجة، وليلة النصف من شعبان، كما وردت به الأحاديث .
ولهذه
المكانة فقد سميت هذه الليلة بأسماء كثيرة : فهي ليلة الإجابة، وليلة الشفاعة،
والليلة المباركة، وليلة الدعاء، وليلة البراءة ، وليلة الغفران والعتق من
النيران، وليلة القِسمة والتقدير ، وليلة التكفير، وليلة الحياة .
فحري
بالمسلم أن يستغل مواسم الخيرات ، وأن يخلص عمله لله ، وأن ينقي في هذه الليلة
قلبه من الشحناء والبغضاء ، وأن يتصالح مع عباد الله ، حتى يكون من المقبولين .
English
France
أسئلة الزائرين