وصف النبي‏ صلى الله وعليه وسلم كما جاء في السنة (‏5)‏

 

اليوم الحلقة الأخيرة من وصف بهاء وجمال سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- ونكون بذلك استكملنا تفاصيل جسده الشريف بما ورد إلينا في السنة الشريفة‏,‏ كمحاولة لتقريب صورته إلى ذهن الأجيال الحاضرة والقادمة من المسلمين‏,‏ والتفاصيل الباقية من أوصافه الشريفة كما يلي‏:‏

31- شيبه- صلى الله عليه وآله وسلم‏:

لم ينتشر الشيب في شعر رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- وإنما كان قليل الشيب‏,‏ فلم يكن عنده شيب إلا في سبع عشرة شعرة في مقدمة لحيته‏,‏ وكذلك عنفقته -صلى الله عليه وآله وسلم- كما مر‏,‏ وكان ما حدث له من شيب بسبب تدبر القرآن والخشية من الله‏,‏ فعن ابن عباس-رضي الله عنهما- قال‏:‏ قال أبو بكر- رضي الله عنه-:‏ يا رسول الله قد شبت‏!‏ قال -صلى الله عليه وآله وسلم-‏:‏ شيبتني هود وأخواتها ‏(رواه الترمذي وحسنه والحاكم وصححه‏),‏ وقال أنس بن مالك رضي الله عنه‏:‏ إنه لم ير منه الشيب إلا نحو سبعة عشر‏,‏ أو عشرين شعرة في مقدم لحيته‏ (‏أخرجه ابن ماجه في سننه وأحمد في مسنده‏)..‏ وكان البياض في العنفقة قليلا‏,‏ وفي الرأس نبذ يسير لا يكاد يرى.‏

32- عرقه- صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

كان عرقه -صلى الله عليه وآله وسلم- على وجهه كاللؤلؤ الرطب‏,‏ وكان ريح عرقه المسك‏,‏ وكان ذلك من خصائصه‏,‏ وكان أصحابه يلتمسون عرقه ويجمعونه للتطيب به لجمال رائحته‏,‏ وقد ثبت كل ذلك بالسنة الصحيحة‏,‏ فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال‏:‏ كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- كأن عرقه اللؤلؤ‏ (‏صحيح مسلم‏),‏ وعنه -رضي الله عنه- قال‏:‏ ولا شممت مسكا قط ولا عطرا كان أطيب من عرق النبي -صلى الله عليه وآله وسلم‏ (‏رواه الترمذي وأصله في الصحيحين‏),‏ وعنه -رضي الله عنه- قال‏:‏ دخل علينا-صلى الله عليه وآله وسلم- فقال عندنا‏ (من القيلولة‏),‏ فعرق‏,‏ وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلت العرق فيها‏,‏ فاستيقظ النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- فقال‏:‏ يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟ قالت‏:‏ هذا عرقك‏,‏ نجعله في طيبنا‏,‏ وهو من أطيب الطيب‏ (البخاري ومسلم واللفظ لمسلم‏),‏ وفي رواية لمسلم‏:‏ فقالت‏:‏ يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا‏,‏ قال‏:‏ أصبت.‏‏

33- اعتدال خـلقه -صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

كان- صلى الله عليه وآله وسلم- معتدل الخلقة متماسكا‏,‏ ليس بمسترخي اللحم ولا كثيره‏,‏ وكان جسمه حسنا أبيض‏,‏ وثبت ذلك الوصف في سنته الشريفة‏,‏ فروي‏:‏ كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- أبيض مليحا مقصدا‏ (صحيح مسلم‏),‏ أي ليس بجسيم ولا نحيف ولا قصير ولا طويل‏.‏

34- قوامه -صلى الله عليه وآله وسلم‏:

كان -صلى الله عليه وآله وسلم- متناسق القوام ربعة‏,‏ لا عيب في صورته ولا في جسده‏,‏ تألفه العين‏, وتنبهر بجماله إذا اقترب‏,‏ وثبت ذلك في سنته الشريفة‏,‏ حيث روي‏:‏ كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- رجلا مربوعا ‏(مربوعا‏:‏ وسطا بين الطول والقصر ولكنه إلى الطول أقرب‏). (‏البخاري ومسلم‏).‏

35- إبطه- صلى الله عليه وآله وسلم‏:

كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- أبيض الإبطين‏,‏ وقد ذكر ذلك أنس-رضي الله عنه- وغيره من الصحابة‏,‏ فعن عبد الله بن مالك ابن بحينة -رضي الله عنه- قال‏:‏ كان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا سجد فرج بين يديه حتى نرى بياض إبطيه‏ (البخاري ومسلم‏).‏

36- مشيه- صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏

كان لرسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- مشية مميزة‏,‏ فكانت الأرض تتواضع وتخضع تحت قدمه‏,‏ فكان يـرى -صلى الله عليه وآله وسلم- وهو يمشي في الطريق المستوي وكأنه منحدر‏,‏ وكان ذلك إجلالا من تلك الأرض التي شرفت بسير رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- عليها‏,‏ كما أنه كان يسير في همة وقوة -صلى الله عليه وآله وسلم- وكان يمشي مسرعا‏,‏ وكان أصحابه يمشون بين يديه ويتركون ظهره للملائكة‏,‏ وكان -صلى الله عليه وآله وسلم- لا يلتفت في مشيه‏.‏

فعن أنس-رضي الله عنه- قال‏:‏ كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا مشى تكفأ‏,‏ أي كأنما ينزل من موضع منحدر ‏(البخاري ومسلم‏),‏ وروي كذلك‏:‏ كان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا مشي تقلع ‏(رفع الرجل من الأرض بهمة وقوة‏,‏ لا مع التراخي وتقارب الخطا‏) (رواه الترمذي في سننه وفي الشمائل‏)‏ وكان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا مشي مشي أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة ‏(أخرجه ابن ماجه في سننه وأحمد في مسنده‏),‏ وكان النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إذا مشي لم يلتفت ‏(رواه الحاكم في المستدرك‏),‏ وكان رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-إذا مشي أسرع ‏(رواه الحاكم في المستدرك‏).‏

37- خاتم النبوة‏:

كان خاتم النبوة عند رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- يشبه الغدة الحمراء‏,‏ وحجمه مثل بيضة الحمامة‏,‏ وكان موقعه بين كتفيه -صلى الله عليه وآله وسلم- في أعلى الظهر‏,‏ وكان أميل للكتف الأيسر‏,‏ وقد ذكره غير واحد من أصحابه -رضي الله عنهم- بذلك الوصف‏, ‏فعن جابر بن سمرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ رأيت الخاتم بين كتفي رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- غدة حمراء مثل بيضة الحمامة ‏(رواه الترمذي في سننه‏)‏ قال القرطبي -رضي الله عنه-:‏ اتفقت الأحاديث الثابتة على أن خاتم النبوة كان شيئا بارزا عند كتفه الأيسر ‏(فتح الباري‏,‏ للحافظ ابن حجر العسقلاني‏).‏ فكان -صلى الله عليه وآله وسلم- كما قال الإمام البوصيري:

فهـــو الذي تــــم معنــــاه وصورتــه

*

ثـم اصطفـــاه حبيبــــا بــارئ النســـم

منــزه عـــن شريــــكٍ في محاسنــه

*

فجــوهــر الحســن فيـه غيـر منقسـم

وانسب إلى ذاته ما شئت من شرفٍ

*

وانســب إلى قـدره ما شئـت من عظم

فـإن فضــل رســـول الله ليــس لـــه

*

حــــد فيعـــــرب عـــــن ناطــــقٌ بفـــم

 

أسئلة الزائرين

لإرسال سؤال أو التعليق يرجى تسجيل الدخول

أضف تعليقك