أبو بكر محمد بن الوليد بن خلف المعروف بأبي بكر الطرطوشي أو ابن أبي رندقة (451هـ - 520هـ) فقيه مالكي، صاحب كتاب سراج الملوك في سلوك الملوك . ولد في مدينة طرطوشة الأندلسية وحفظ فيها القرآن وتعلم القراءة والكتابة. انتقل إلى سرقسطة وتتلمذ على يد أبي الوليد الباجي. ذهب في عام 476 هـ في رحلة للمشرق الإسلامي، فاتجه إلى مكة ليؤدي الحج ثم قصد بغداد والبصرة ومكث فيهما مدة من الزمن يتفقه على علماء العراق. توجه بعدها إلى الشام، فزار حلب وإنطاكية ونزل بمدينة بيت المقدس. قصد بعد الشام الإسكندرية ومكث فيها معلما للفقه والحديث. تزوج بسيدة من الإسكندرية أهدته بيتها فجعل من الدور العلوي دارا له ومن الطابق الأسفل مكانا لتلقين العلم. اتجه الطرطوشي إلى القاهرة لينصح حاكم البلاد الفاطمية الوزير الأفضل بن بدر الجمالي إذ كان الجمالي ظالما مستبدا بشعبه. كان مما قاله للوزير «واعلم أن هذا الملك الذي أصبحت فيه إنما صار إليك بموت من كان قبلك، وهو خارج عن يديك مثل ما صار إليك؛ فاتق الله فيما حولك من هذه الأمة، فإن الله سائلك عن النقير والقطمير والفتيل، ذكر القرآن: "فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون"». اشتهر الطرطوشي من بين علماء الأندلس بالعلم والرد على المبتدعات في الدين، فأصبح من علماء أهل السنة الذين يُشار إليهم ويؤخذ من علمهم، وحصل له القبول والثناء من العلماء. قال القاضي عياض عنه: ««وسكن الشام مدة وتقدم في الفقه مذهباً وخلافاً وفي الأصول وعلم التوحيد، وحصلت له الإمامة، ودرس ولازم الزهد والانقباض والقناعة مع بعد صيته وعظم رياسته»». وقال عنه أبوبكر بن العربي عند لقائه لـــه في دمشق وبيت المقدس: ««فشاهدت هديه، وسمعت كلامه، فامتلأت عيني وأذني منه»». ووصفه ابن العربي – أيضا - : ««بالعلم والفضل والزهد في الدنيا والإقبال على ما يغنيه»». كما أثنى عليه ابن بشكوال في الصلة فقال: ««كان إماماً عالماً، عاملاً زاهداً، ورعاً ديناً متواضعاً، متقشفاً، متقللاً من الدنيا، راضياً منها باليسـير». وذكر الذهبي عن أحد مشايخ الطرطوشي قوْله: ««كان شيخنا أبو بكر زهده وعبادته أكثر من علمه».
أسئلة الزائرين